لا تخدعوا أنفسكم ولا تخدعوا الناس
بقلم الدكتور الطيب اليوسفي
حال تونس اليوم كحال منزل متداع للسقوط، صاحبه مدعو إلى بذل قصارى الجهد لترميمه واصلاحه وتدعيم اركانه في حين يطالبه بعض ابنائه بتوفير تجهيزات منزلية جديدة وببناء طابق علوي
تونس تعيش اليوم وضعا ماليا واقتصاديا مترديا ، ويتوقف تسديد نفقات الميزانية المتاكدة على المعونات الاجنبية والقروض إن استطاعت إليها سبيلا والبعض ما زال متمترسا وراء الشعارات والتهويمات والبعض الآخر يوهم الناس بانه بالامكان توفير الرخاء الآن الآن وليس غدا، واخرون يحلمون بتجاوز وضعهم المزري بمجرد قرارات فوقية وبقدرة قادر .
وفي المحصلة كل يغني على ليلاه
التركة ثقيلة وحصيلة عشرية الخراب مفزعة والتوازنات المالية والاقتصادية منخرمة ومحركات النمو معطلة والمديونية تجاوزت الخطوط الحمر والاصلاحات ما زالت مجرد سراب وتمنيات
تونس اليوم في وضع خطير يتطلب التعجيل بايقاف النزيف لتفادي الكارثة بمعنى اخر ان المطروح اليوم إنقاذ الشقف وانه من باب المغالطة والخداع توهم تحسين الاوضاع الاجتماعية والارتقاء بظروف العيش ونوعية الحياة في القريب العاجل
ذلك يبقى مرتبطا بالزيادة في الثروة الوطنية واستحثاث نسق النمو وهو ما يقتضي الاقدام على اصلاحات هيكلية عميقة تتطلب الجراة والشجاعة السياسية ووضوح الرؤية والاهداف بالتوازي مع اجتثاث الفساد والمحسوبية والزبونية والاعتماد على الكفاءات لا على الولاءات وتدعيم مقومات الحوكمة الرشيدة
تونس اليوم في حاجة الى تقاسم التضحيات بالعدل والقسطاس وفقا لامكانيات كل طرف ولما له من طاقات،
الحديث اليوم عن قدرة الدولة على الاستجابة لكل المطالب المطروحة في مختلف القطاعات تضليل ولغو وذر رماد في العيون ومواصلة لتمشي رؤساء حكومات اغدقوا الوعود الكاذبة ومارسوا التضليل والخديعة لغايات سياسوية خسيسة وتركوا البلاد على الكالة وفي اسوء وضع ،ومنهم من امضى اتفاقيات يعلم علم اليقين انه يستحيل تفعيلها ودشن مشاريع وهمية ومنهم من خضع لابتزاز بعض الاطراف واللوبيات واثبت فشله الذريع على كافة المستويات وتخصص في اللغة الخشبية والكلام الاجوف
بالله كيف بامكان دولة كل همها اليوم توفير الاجور في اجالها ان تلبي المطالب القطاعية وغيرها حتى وإن كانت مشروعة؟
لكن ذلك لا ينفي ضرورة تجند هياكل الدولة ومؤسساتها لتوفير الحد الادنى على الاقل من حيث مقاومة المضاربة والاحتكار والتحكم قدر الإمكان في الأسعار واقرار برامج خصوصية لفائدة المعوزين والمعدمين
صارحوا الناس بان من يتحصل اليوم على مرتب قار يعتبر محظوظا في ظل تردي الاوضاع وتفاقم البطالة واستشراء الفقر والخصاصة
لا خلاص بدون الاصلاح والصلاح والتضامن الوطني الفعال والاقبال على العمل والكد والاجتهاد والتعويل على الذات وتعبئة كل الطاقات والامكانيات الوطنية المتاحة
ومن يتذمرون من التدخلات الاجنبية عليهم اشعال شمعة عوض لعن الظلام والمساهمة في تبصير التونسيين والتونسيات بالرهانات والتحديات المطروحة
بدون اصلاح وحسن تخطيط وتدبير وإجراءات حصيفة وشجاعة ومصارحة ومكاشفة وتحميل للمسؤليات سيسقط السقف على الجميع ولن تفيد العنتريات واللطم والعويل والبكائيات